2- الآخرون قد يكونوا مخطئين، ولكن في الحقيقة ليس ذلك

نشره Fahad في

تأليف: إيفان برودرومو من كتاب النصيحة المفتوحة، ترجمة: فهد السعيدي

إيفان برودرومو هو مؤسس Wikitravel و StatusNet و شبكة الاجتماعية المفتوحة Identi.ca. شارك في البرمجيات الحرة لخمسة عشر عاما كمبرمج و كاتب الوثائق و بعض الأحيان الذراج المفجرة للقنابل. إيفان يعيش في مونتريال، كيبك، كندا.

لعل أهم صفة في أي مؤسس لمشروع مفتوح المصدر، وخصوصا في الأسابيع والشهور الأولى قبل إصدار البرنامج للعالم، هي الإصرار برأس عنيد في وجه الدليل الواقعي الغالب. فإذا كان برنامجك مهما جدا، فلماذا لم يقم أحد غيرك بكتابته حتى الآن؟ فربما أنه من غير المحتمل تحققه. وربما ليس هناك أحد يريد استخدام ما تصنعه. وربما أنت لست جيدا بما فيه الكفاية لصنعه. وربما أن هنالك أحد قام بكتابته بالفعل، وأنت لست بارعا في استخدام جوجل لإيجاده.


الحفاظ على هذا الإيمان خلال ذلك الليل الطويل المظلم أمر صعب للغاية، ولا يمكن لأحد أن يستمر إلا الذين هم أكثر عنادا و تشبثا بآرائهم و تصلبا بمواقفهم. ثم نأتي لنمتحن جميع آرائنا البرمجية التي نحافظ عليها بقوة. ما أفضل لغة برمجة نستخدمها؟ ما معمارية البرنامج؟ ما معايير البرمجة؟ ألوان الأيقونات؟ ترخيص البرنامج؟ نظام تحكم بالإصدارات؟ إذا كنت أنت الوحيد ( أو من يعلم !) الذي يعمل على المشروع، يجب عليك أن تقرر، بشكل فردي.


وعندما تطلق مشروعك، فإن تلك الصفة الأساسية من التشبث المثابر و الرأي القوي تصبح ضررا أكثر من أنها فائدة. فعندما تطلق المشروع، فإنك ستحتاج بالضبط للمهارة المقابلة للوصول لتسويات لجعل برنامجك أكثر فائدة للناس الآخرين. وكثير من تلك التسويات ستشعر أنها غير صحيحة.
إنه من الصعب أن تأخذ المقترحات من " الغرباء" ( مثل أولئك الذين ليسوا أنت ). فأولا لأنهم يركزون على الأشياء السهلة وغير المهمة من مثل الاتفاق على تسمية متغيراتك، أو موضع أزرار معينة. ثانيا بسبب أنهم دائما على خطأ، فبالرغم من كل شيء، إذا كان ما صنعته ليس الطريقة الصحيحة للقيام بالأمر، فإنك لن تصنعه بتلك الطريقة في المقام الأول. و إذا كانت طريقتك ليست طريقة صحيحة، فلماذا ستكون شفرتك مشهورة؟


ولكن الخطأ شيء نسبي، فإذا كان صنع اختيار خاطئ يجعل برنامجك أكثر سهولة للمستخدمين النهائيين أو المطورين الآخرين، أو للمدراء و محزمي البرامج، أليس ذلك اختيار صحيحا حقا؟


وطبيعة تلك النوعية من التعليقات و المساهمات عادة سلبية. فالتغذية الراجعة من المجتمع هي في المقام الأول تفاعلية، مما يعني أنها حساسة أصلا. فمتى آخر مرة أبلغت عن علة لتقول:" أنا بالفعل معجب بتنظيمك في ملف hashtable.c " أو " يا له من عمل رائع في ترتيب القوائم الفرعية ومشتقاتها" ؟ إن الناس تعطي مقترحاتها لأنها لم تعجبهم الطريقة الحالية لعمل الأشياء في برنامجك. بالإضافة إلى أنهم ليسوا دبلوماسيين في إيصال تلك المعلومة.


إنه من الصعب الاستجابة لتلك النوعية من التغذية الراجعة بإيجابية. فبعض الأحيان، نتحامل على المرسلين في قوائم البريد التطويرية، أو نغلق تقارير العلل بسخرية وعبارة "لن تصلح" WONTFIX. الأسوأ من ذلك، أننا ننسحب إلى شرنقتنا ونتجاهل المقترحات الخارجية أو التغذية الراجعة، متمسكين بالشفرة المريحة التي تتناسب مع أفكارنا المسبقة وأسسنا الكاملة.


إذا كان برنامجك لنفسك فقط، فيمكنك أن تبقي الشفرة و البنية التحتية المحيطة كملعبك الخاص. ولكن إذا أردت لبرنامجك أن يستخدم ، أو ليعني شيئا ما للناس الآخرين، أو ليغير (ربما) العالم، فإنك بحاجة لبناء مجتمع مزدهر و طبيعي من مستخدمين و مساهمين أساسين، و مدراء و مطوري إضافات. فالناس ترغب بأن تشعر بأنهم يمتلكون البرنامج، بنفس الطريقة التي تشعر بها.


إنه من الصعب تذكر أن كل صوت من تلك الأصوات المعارضة هو جانب صغير جدا من الأهمية. تصور كل أولئك الناس الذين سمعوا ببرنامجك ولم يكلفوا أنفسهم عناء تجربته. وكل أولئك الذين قاموا بتنزيله ولم يثبتوه على الإطلاق. وكل أولئك الذين ثبتوه وواجهوا مشاكل به و يئسوا منه بصمت. وكل أولئك الذين يريدون أن يوصلوا اقتراحاتهم إليك ولكن لم يجدوا نظامك لتتبع العلل، أو قوائم البريد التطويرية، أو قنوات IRC أو حتى بريدك الشخصي. وبالنظر إلى العوائق التي تحول دون وصول الرسالة، فإنه من المحتمل أن هناك 100 شخص يرغبون برؤية التغيير لكل شخص تصل رسالته إليك. لذا الاستماع إلى تلك الأصوات، عندما تصل إليك، يعتبر أمرا حساسا.


تقع مهمة قائد المشروع على صيانة رؤية وغرض البرنامج. ولا يمكننا أن نتأرجح ونتمايل للأمام والخلف بناء على هذا البريد أو ذاك من مستخدمين عشوائيين. وإذا كان المبدأ الرئيسي على المحك، فإنه بالتأكيد من المهم جدا التمسك بذلك المبدأ بشدة. فلا أحد يستطيع أن يفعل ذلك غير قائد المشروع.


ولكن يجب علينا أن نفكر: هل هناك مشاكل غير رئيسة يمكن أن تجعل برنامجك أكثر قابلية للوصول والاستخدام؟ ففي النهاية، مقياس عملنا هو عدد الناس الذين نصل إليهم، وكيف يستخدم برنامجنا، و فيما يستخدم. ما أهمية فكرتنا الشخصية حول ما هو صحيح للمشروع وللمجتمع؟ وإذا كانت تلك المشاكل غير الرئيسة موجودة، فقلل من الاختلاف، واستجب للطلب، واصنع التغييرات. فإن مشروعك سيصبح أفضل لكل أحد.