إن الحديث عن الحرب القائمة بين البرمجيات الحرة و غير الحرة يطول، هذا ما قد يتوقعه الكثير لكن بالنسبة لكاتبنا ماثيو أسليت، الكاتب في مدونة مجموعة 451، ففي مقاله "الحرب انتهت! إذا كنت تريدها" ذكر كاتبنا كيف حرب البرمجيات الحرة مع البرمجيات غير الحرة قد انتهت،،
=======
خلال حدث منتدى العالم المفتوح هذا الصباح في باريس قدمت عرضاً سريعاً عن وضع البرمجيات الحرة و المصادر المفتوحة في عام 2009 و الإشارات التي تشكل توجهات البرمجيات الحرة في العقد القادم، في هذه التدوينة سأوسع العرص الذي لم يتجاوز العشر دقائق،،
الحرب انتهت (إذا كنت تريدها):
بجانب الاعتماد الكبير للمصادر المفتوحة، فإن أحد أهم الإشارات في عام 2009 بالنسبة للبرمجيات الحرة و المصادر المفتوحة هو العدد الهائل للإعلانات التي تنهي الحرب بين البرمجيات الحرة و غير الحرة، و زيادة على هذا، فإن المصادر المفتوحة قد ربحت،،
قد يكون أهم هذه الإعلانات هو هذه المقالة التي نشرت في مايو، و التي جاء فيها:
النزاع قد ربح، إنه من المتوافق عليه عالمياً الآن أن مستقبل البرامج سيقاد خلف البرمجيات الحرة و غير الحرة معاً. |
هذا الإعلان الواضح يشير إلى أن قبول البرمجيات الحرة و المصادر المفتوحة و ترخيصاتها وصل إلى درجته القصوى، و إذا كانت البرمجيات الحرة قد انتصرت، فكيف وصلت إلى هذا الانتصار؟؟
المصادر المفتوحة في كل مكان:
يشير تقرير جارتنر إلى أنه بحلول عام 2012 فإن 90% من المشروعات التي سوف تستخدم المصادر المفتوحة ستكون من المدافعين عنها، و مهما تراوحت النسبة بين 90% إلى 92% و حتى 95%، فإن الكثير من الوكالات و الحكومات بدأت بالفعل باستخدام المصادر المفتوحة في مكان ما من عملها،،
زيادة اعتماد المستخدم النهائي:
القرار الأخير لـIDC لزيادة حصتها في سوق المصادر المفتوحة بحلول 2013 من 5.8 مليارات دولار إلى 8.1 مليارات دولار أثار اهتمام هواة البرمجيات الحرة و المصادر المفتوحة، و في دراسة منهجية وجد أن البرمجيات الحرة ستشكل ما نسبته بين 2% إلى 4% من إجمالي سوق البرمجيات بحلول العام،،
المصادر المفتوحة ”متفشية“:
أحد الأماكن التي بدأنا نشاهد فيها المصادر المفتوحة بكثرة هي مزودات البرمجيات غير الحرة مثل أوراكل و مايكروسوفت و أدوبي و SAP، كل هؤلاء يستخدمون و يساهمون في المصادر المفتوحة، في الواقع، لن تتمكن بسهولة من إيجاد مزود برمجيات لا يستخدم المصادر المفتوحة أو يبني عليها،،
كل مزودي البرمجيات يستخدمون البرمجيات حرة و المصادر المفتوحة لمصلحتهم، و لقد رأينا مؤخراً نماذج متمازجة من البرمجيات الحرة و المصادر المفتوحة مع البرمجيات غير الحرة بدأت تهيمن،،
نماذج متمازجة:
في مجموعة 451 قمنا بعمل بحث لمعرفة كيف يقوم مزودوا البرمجيات بصناعة الأموال من البرمجيات الحرة و المصادر المفتوحة، و لقد وجدنا حل هذه المعضلة في جعل البرمجيات الحرة و المصادر المفتوحة مبيتة في برمجيات غير حرة، أو عن طريق استخدام أسلوب النواة المفتوحة Open-Core و تزويد هذه البرمجيات الحرة ببيرمجات غير حرة،،
كما لاحظنا أنه بالرغم من وجود دور للمطور المنفرد في مجتمعات المصادر المفتوحة، إلا أنه في بعض المجتمعات مثل Eclipse رأينا كيف أن مصلحة مزودي البرمجيات بدأت تهيمن على المجتمع،،
كما رأينا الكثير من عمليات الاستحواذ مثل عملية استحواذ أوراكل على صن بالرغم من أن كل البرمجيات التي تقدمها صن هي برمجيات حرة مثل الجافا و الأوبن سولاريس و أهمها الـMySQL، كما رأينا عملية استحواذ VMware على SprintSource و استحواذ Citrix على Xen،،
و أيضاً، زادت من قبل مزودي البرمجيات غير الحرة عمليات مساهمتهم في البرمجيات الحرة و أهمها مساهمة مايكروسوفت في نواة اللينكس لدعم سيرفرات مايكروسوفت، و رأينا كيف أنها قدمت مشروع CodePlex الذي يهدف إلى تعزيز المساهمة في البرمجيات الحرة،،
قبول اللا مفر منه:
لسنوات، حاولت مايكروسوفت تقليد KingCnut بمحاولتها لإيقاف أمواج المصادر المفتوح نحوهاو ذلك عن طريق أمر هذه الأمواج بالتراجع و بناء الحواجز لمنعها من التقدم،،
ما حدث هو أنه مع مرور الزمن هذه الأمواج بدأت تدمر هذه الحواجز ببطء حتى أصبح من الواضح أنها لم يعد هناك فائدة من هذه الحواجز و أنه من الأفضل صنع قارب ليساعد مايكروسوفت على العيش بشكل مشترك مع أمواج المصادر المفتوحة،،
و مايكروسوفت ليست وحدها هنا، فكل شركات البرمجيات غير الحرة مثل أوراكل و أدوبي SAP تحاول إيجاد أفضل طريقة لتتعايش مع البرمجيات الحرة،،
و على ذكر مايكروسوفت، فإن كثيراً من الناس قد استاؤوا من تصرفات مايكروسوفت معتبرين تصرفاتها تجاه البرمجيات الحرة هي فقط لتجيع أنظمتها غير الحرة، و نحن نذكر بما قاله لينوس تورفالدز:
القدرة على جعل الكود أفضل من أجل احتياجاتك المحددة هي مفتوحية المصدر. |
بالطبع، فمايكروسوفت لم تستثمر في المصادر المفتوحة مليار دولار كما فعلت IBM في جنو/لينكس، و لكن الجدير بالذكر أن IBM استعادت هذا المبلغ بعد سنة واحدة نتيجة بيعها لبرمجيات غير حرة و تقديمها لمختلف الخدمات،،
ملخص كل هذا هو كما قال مات أساي:
المصادر المفتوحة فازت، المصادر المفتوحة بدأت تجد نفسها في كل مكان افتراضياً، في البرمجيات الحرة و غير الحرة. |
الحرب انتهت، إذا كنت تريدها:
بالطبع لن يرى الجميع هذه المؤشرات هي انتصار كامل للبرمجيات الحرة، فقد قال أندرو أوليفر:
الحرب الوحيدة هي المحافظة على التمييز بين البرمجيات الحرة و غير الحرة.
في عام 2009، شاهدنا إشارات من دعاة البرمجيات الحرة و المصادر المفتوحة إلى مقاومة ما يرونه تمييع للعلامة التجارية للبرمجيات الحرة، لقد شاهدنا زيادة الطلب على مصطلح المصادر المفتوحة الذي يصف رخص المصادر المفتوحة لتكون مطبقة في نماذج التطوير و في الشركات و متوفرة لرخص المستخدم النهائي،،
في بعض الأحيان نرى برنامجاً و قد رخص تحت ترخيص حر، و لكننا نجد 98% من مطوري البرنامج هم من شركة واحدة ما يجعلنا نتسائل هل هذا بالفعل برنامج مفتوح المصدر؟؟ في المقابل، فإن شخصاً ما قد يأتي لطلب ميزة من مميزات البرنامج غير الحرة و في هذه الحالة فإننا نتسائل ما إذا كنا نستطيع اعتبار البرمجيات كلها مصادر مفتوحة؟؟
الصحيح هو أن النماذج المتمزجة من البرمجيات الحرة و غير الحرة لا مفر منها، Red Hat هي أفضل مزود برمجيات يتبع أسلوب البرمجيات الحرة و المصادر المفتوحة و رغم هذا، فإنها لا تخلط بين البرمجيات الحرة و غير الحرة، و هناك عدة أمثلة أخرى على مزودي برمجيات و اشخاص يتبعون الأسلوب البرمجي الحرة النقي،،
و من الصروري تذكر أن البرمجيات الحرة يحب أن تعيش جنباً إلى جنب مع البرمجيات غير الحرة، فالفصل سيكون تدميراً للبرمجيات الحرة و تمييعاً للعلامة التجارية للمصادر المفتوحة،،
قبول اللا مفر منه:
و هنا نعود مجدداً إلى صورة مزودي البرمجيات غير الحرة و هم يحاولون إبعاد أمواج البرمجيات الحرة عن طريقهم، و لكن هذه المرة نواجه معركة أخرى بين البرمجيات الحرة و هي تحارب أمواج النماذج المتمازحة من البرمجيات الحرة و غير الحرة، و نتسائل هل ستقوم البرمجيات الحرة و المصادر المفتوحة ببناء حوجز تبعدها عن هذه النماذج أم ستقوم ببناء مركب يساعدهما على العيش معاً؟؟
هل انتهت الحرب؟؟
هذا يعيدنا إلى إعلان الانتصار حيث قال موقع Economist:
المصادر المفتوحة قد فازت في الجدال، هناك تهديد جديد يظهر في أفق الانفتاح الآن.
في حين ذكر مارك تايلور من Sirius:
قد تكون المصادر المفتوحة قد فازت، لكن العالم لن يتغير الآن. |
ما يحاول مارك قوله هو أن العالم بدأ يعترف بالمصادر المفتوحة و يضعها بجانب البرمجيات غير الحرة، و قد رأينا حكومات كثيرة بدأت تشجع على استخدام البرمجيات الحرة مثل حكومة المملكة المتحدة، و لكن علينا تذكر أن كثيراً من المنظمات جهزت لتتعامل مع الرخص غير الحرة و عليه، فإن مزيداً من الوقت يلزم للتغيير للمصادر المفتوحة للمنافسة على نفس الصعيد،،
أحد المؤشرات التي تجعلنا نرى انتصار البرمجيات الحرة في العقد القادم هو البرمجة السحابية، في الواقع، نحن نرى البرمجيات الحرة مكملاً للحوسبة السحابية و سيكون للمصادر المفتوحة الدور الكبير فيها،،
من القضايا التي سيناقشها منتدى العالم المفتوح أيضاً هي المعايير المفتوحة و الوصول المفتوح و الحكومات المفتوحة،،
نقطتان أود الإشارة إليهما أيضاً و هما اعتبار البرمجيات الحرة و المصادر المفتوحة كتعاون حضاري و كمصدر عام،،
فمنذ تولي أوباما رئاسة الولايات المتحدة رأينا تحركات مهمة نحو الانفتاح لم تسفر عن أي طابع رسمي للبرمجيات الحرة و لكننا رأينا ماكون فيليبس من البيت الأبيض و هو يقول:
المصادر المفتوحة هي أفضل نموذج للتعاون الحضاري من قبل الحكومات للتواصل مع المدنيين و تشجيع التعاون،، |
و رأينا أيضاً كيف أن لجنة الاتحاد الأوروبي مهتمة بالبرمجيات الحرة و المصادر المفتوحة، و كيف أن الوكالة الأوروبية للسلامة و الصحة في العمل ترى المصادر المفتوحة كواجب مجتمعي لاستثمار المال العام في المصادر العامة،،
و كما في خارطة طريق البرمجيات الحرة و المصادر المفتوحة حتى عام 2020 كيف أن البرمجيات الحرة بدأت تعتبر نفسها معرفة عامة، و هذا ما سيكون عليه شكل المعركة في العقد القادم من حيث الانتقال من معركة القبول بالبرمجيات الحرة إلى معركة المساهمة فيها.
============
تعليقي:
قال غاندي:
أولاً يتجاهلونك،
ثم يسخرون منك،
ثم يحاربونك،
ثم تنتصر..
ترجمة : محمود عبدالجواد (من مسار لتقنية المعلومات).