بالأرقام: هل يعاني لينكس فعلا من التشتت وكثرة الخيارات؟

نشره طريف في
يبدو أن "الخرافات" عن لينكس تُجدّد نفسها مع مرور الوقت. ولأكون منصفًا غالبًا ما تستند هذه الخرافات لشيء ما على أرض الواقع، فعندما كان يُشاع بأن لينكس "لا يملك واجهة رسومية"، فلأن هذا الشيء كان صحيحًا في فترة من الفترات، المشكلة أن هذا الحال لم يستمرّ لكن الفكرة نفسها بقيت، حيث لم تمضِ عدّة سنوات حتى كان لدينا أربع واجهات رئيسية، وهو الشيء غير المتوفر في أنظمة ويندوز أو ماك أو اس إلى اليوم. وأيضًا حينما كان يُشاع بأن لينكس "صعب الاستخدام" وَ "يحتاج للتعامل مع سطر الأوامر" فلأنّ هذا أيضًا كان صحيحًا، إذ كان علينا أن ننتظر حتى بداية العام 2000 حتى تدعم توزيعة "موجّهة للمبتدأين" مثل Mandriva تثبيت النظام باستخدام واجهة رسومية وليس بالنمط النصيّ، وفي الحقيقة فإن النقلة النوعية في تسهيل لينكس دشنتها Ubuntu لاحقًا وخلقت تيارًا يهتم "بتبسيط الأمور" أكثر، وهذا موضوع آخر. "الخرافة" التي تهمني اليوم هو ما يُشاع عن معاناة لينكس من التشتت وزحمة الاختيارات مع قائمة لا تنتهي من البرامج المتشابهة في الخصائص والميزات والمختلفة في الأسماء والشعارات، وبأنّ هذا التشتت هو ما يُبطئ نمو لينكس ويقلّل من قدرته التنافسية أمام أنظمة سطح المكتب الأخرى (ويندوز، OS X)؛ فبدلًا من أن يتّجه المطورون إلى تحسين البرامج الموجودة فعلًا ويهتمون بإضافة المزيد من الخصائص المهمة لها كي تنافس البرمجات الاحتكارية، فإنهم يُعيدون اختراع العجلة عدّة مرات.. يبدو أن مطوري لينكس أغبياء، أليس كذلك :) أرجّح أن هذه الفكرة أتت من مستخدمي لينكس الجدد ممن كانوا يستخدمون ويندوز لفترات طويلة، وكانوا يرون على أجهزتهم برنامجين أو ثلاثة من كل صنف، مثلا في تشغيل الميديا RealPlayer وَ Media Player Classic بالإضافة إلى برنامج ويندوز الافتراضي، فيألفونها ويهملون تلقائيًا اسم أي برنامج ميديا يعترض طريقهم في الإنترنت، أو لا يعيرونه كبير اهتمام. لكن مع الدخول إلى عالم لينكس فإن عملية البحث عن الخيارات المتوفرة ستضطرك للتعرف على كل أو معظم ما هو موجود، وقد تقرر تجريب عدّة برامج لتختار من بينها، وهكذا سيشعر المبتدئ بالتشتت وكثرة الخيارات، ليس لشيء وإنما لأنها المرة الأولى التي يبحث فيها عن "الخيارات المتاحة". لنأخذ الموضوع بشكل عملي، فعند البحث باستخدام موقع alternativeto عن بدائل تطبيق VLC حصلنا على 106 نتيجة لمنصة ويندوز، مقابل 59 نتيجة للينكس. بل إن موقع Cnet وتحت صفحة Media Players for Windows يعرض 941 تطبيق ميديا لويندوز وحده، ما بين مجاني ومدفوع الثمن. كما أن البحث عن Gimp سيعطينا 83 بديل في ويندوز، وَ 21 بديل في لينكس، ورغم ذلك يظن البعض أن سبب ضعف gimp هو وجود برنامج مثل krita بدلًا من تعاونهما في تطبيق واحد. سأختم مع هذه الإحصائية؛ في شتاء 2010 وعندما كان ستيف بالمر مديرًا تنفيذًا لمايكروسوفت صرّح في مؤتمر CES بوجود 4 ملايين تطبيق لمنصّة ويندوز، وفي المقابل فإن توزيعة مثل دبيان (والتي تُعتبر مستودعتها الأكبر في لينكس) لا تضم في نسختها الاختبارية Testing سوى 64 ألف حزمة، وهذا قد يعني عدّة آلاف من التطبيقات على أرجح التقديرات. وبالمناسبة هذا لا ينفي وجود مشكلة بطء في تطوير برامج أساسية لبيئة لينكس، لكن هذه المشكلة لا تعود لكثرة الخيارات (غير الموجودة أصلًا)، وإنما لأسباب أخرى لعلنا نناقشها لاحقًا.