مما لا شك فيه أن الإنترنت قد توغل في كل مناحي الحياة التي نعيشها و أ صبح من الضروريات التي لا يمكن للإنسان أن يستغني عنها في العصر الحديث. حتى في المنطقة العربية ورغم التواجد الضعيف للمحتوى العربي على شبكة الإنترنت إلا أننا نجد الكثير من المستخدمين للإنترنت في عالمنا العربي والعدد في تزايد مستمر وبخاصة في المراحل العمرية الشابة. فهل أصبح الإنترنت الأداة الأكثر استخداما للبحث عن المعلومات العلمية أو الثقافية؟ هل أخذ الإنترنت الأضواء من مصادر المعلومات الأخرى مثل التليفزيون والمكتبات والكتب المطبوعة والجرائد والإعلام المسموع وماإلى ذلك؟
إن الإجابة على هذا التساؤل ربما لا تكون بسيطة أو هينة في ظل عدم وجود أبحاث في المنطقة العربية تتعامل مع الإنترنت بشكل دقيق وبخاصة ما تحدثه هذه التقنية في المجتمعات العربية من تغيير وماآلت إليه التقنيات المتعلقة بالإعلام المرئي واعتماد الإنترنت كمصدر للمعلومات في المنطقة العربية أو حتى مصدر يعتمد عليه في البحث العلمي والعلوم في المحافل العلمية والجامعات وبخاصة في العلوم العربية أو التي يمكن دراستها باللغة العربية نظرا لندرة المحتوى كما أشرنا سابقا .
لكن مما لاشك فيه أن الإنترنت أصبح ذا تأثير بالغ في الحياة لااجتماعية للفرد في المنطقة العربية وأصبح من الضروريات التي بات من الصعب لااستغناء عنها ولكن هل أصبح بديلا للمصادر الأخرى للمعلومات؟
هذا ماسوف نحاول الإجابة عنه بشكل مبسط لننقل للقارئ بعض الإحصائيات
العالمية والمحلية في هذا المضمار.
الإنترنت يعد ثاني مصدر للمعلومات في الدول المتقدمة :
تشير الدراسات العالمية في الدول المتقدمة أن الإنترنت يأتي في المرتبة الثانية كمصدر للمعلومات والأخبار المتعلقة بها بما نسبته 20 % من السكان مقارنة ب 41 % للتليفزيون أو الإعلام المرئي الذي يحتل المرتبة الأولى ثم تأتي
المطبوعات أو الجرائد والمجلات أو الإعلام المقروء في المرتبة الثالثة بنسبة تقارب ال%14 من السكان إلا أن النسب السابقة تحتاج إلى المزيد من التحليل حيث إنه ليس كل السكان مستخدمين للإنترنت وليس بالضرورة أن يكون من يستقي معلوماته من الإعلام المرئي أو المطبوع هو بالأساس يستخدم الإنترنت أو يعتمد عليه اعتمادا كليا . لهذا سوف نحاول في الجزء التالي تناول هذا الأمر بشيء من التفصيل .
عند النظر إلى الإحصائيات السابقة يتضح الأمر بشيء من التفصيل ، إلا أنه كماأشرنا ليس كل هؤلاء الذين يبحثون عن المعلومات مستخدمين للإنترنت ،
وتشير نفس الإحصائيات بشيء من التفصيل أن الفئات العمرية الشابة هي
أكثر المستخدمين بحثا عن المعلومات العلمية على الإنترنت ويعتبر الإنترنت
بالنسبة لهم متساويا مع الإعلام المرئي في الحصول على المعلومات العلمية
وتبدأ النسبة في لاانخفاض كلما زاد العمر؛ حيث يعتمد كبار السن على الإعلام
المرئي بشكل أكبر بكثير من الإنترنت. ف 5% منهم فقط قد يستخدمون الإنترنت
للحصول على المعلومات مقارنة ب 36 % للشباب في أعمار تتراوح ما بين 18 و 29 % عاما.
إلا أن إحصائيات الشباب قد ارتفعت في العام 2008 لتصل إلى 54 كما أن الإحصائيات تشير إلى أن من لديهم إنترنت فائق السرعة في المنازل هم
أكثر استخداما أو اعتمادا على الإنترنت للحصول على المعلومات وما يتعلق بها عن غيرهم من المستخدمين. أضف إلى ذلك أن كل من لديه خبرة في استخدام الإنترنت عن غيره هو من أكثر الناس اعتمادا على الإنترنت في الحصول على المعلومات أو ما يتعلق بها من أبحاث .
فلهذا نعود إلى نقطة مهارة البحث عن تلك المعلومات و عدم تواجد هذه المهارات بكثرة في المنطقة العربية مما يعتبر عائقا للحصول على المعلومات من الإنترنت ناهيك عن أن محركات البحث ليس هي المصدر الأساسي في الحصول على المعلومات العلمية والتي تتطلب الكثير من الجهد والخبرة لمعرفة المصادر التي يمكن الوثوق بها للحصول على معلومات علمية صحيحة قد تستخدم في بحث علمي أو حتى في مقررات دراسية .
وتشير الدراسات أيضا إلى أن من لديهم معرفة بالعلوم أو شغف بمعرفة الجديد في العلوم يستخدمون الإنترنت بشكل أكثر من غيرهم في الحصول على المعلومات كما أن من يدرسون العلوم في الجامعات هم أيضا من رواد الإنترنت للحصول على المعلومات ، أضف إلى ذلك أيضا المهتمين بالاكتشافات الحديثة حتى من غير دارسي العلوم يعتمدون بشكل كبير على الإنترنت في الحصول على معلومات عن هذه الاكتشافات .
مستخدمو الإنترنت و اعتمادهم عليه كمصدر للمعلومات :
إن مستخدمي الإنترنت هم الذين يمكن التحقق من كونهم يعتمدون على الإنترنت بشكل كبير كمصدر للمعلومات أم لا أو على الأقل مصدر يستخدم في الأبحاث والواجبات المدرسية في المراحل الدراسية المختلفة أو البحث عن معنى مصطلح علمي أو معلومة يريدون التحقق من صحتها بشكل دقيق أو علمي أو حتى الحصول على رسومات بيانية و إحصائيات.
تشير الإحصائيات إلى أن 87 % من مستخدمي الإنترنت قد اعتمدوا على الإنترنت بشكل أو بآخر في الحصول على معلومة أو خبر علمي وهي نسبة ليست هينة. كما أن 3 من كل 5 مستخدمين لجئوا إلى الإنترنت للحصول على معنى مصطلح علمي أو للتحقق من دقة معلومة علمية .
الإنترنت هو المرجع الأول للباحثين المختصين:
في دراسات متفرقة في العالم المتقدم اتضح أن الإنترنت أصبح الأداة الأولى في البحث العلمي لمن يبحث في موضوع أو تخصص معين وليس موضوعا عاما أو اكتشافا علميا بشكل عام .
عندما سئل الكثير من الباحثين عن أي الأدوات التي سوف يستخدمونها عن
عمل بحث ما عن شيء متخصص مثل (الفيزياء – الأحياء – ..........الخ)
فإن أغلبهم اختاروا الأداة الأولى ليكون الإنترنت من بين أدوات كثيرة عدة مثل:
- المكتبات
- الكتب والمراجع
- المجلات العلمية
- الدوريات العلمية
- التليفزيون
- الجرائد
وهذه نتيجة ليست بالغريبة إذ إن ما ذكر سابقا أصبح جزءا من الإنترنت أو يمكن الحصول عليه من الإنترنت دون تكبد عناء الذهاب إلى مكتبات أو مشاهدة التلفاز أوحتى انتظار الجرائد أو البحث عن مرجع معين. فكل هذه الأدوات يمكن للباحث الحصول عليها من الإنترنت بسهولة .
ومن أهم الحقائق التي أظهرتها هذه الإحصائيات أن أغلب الباحثين الذين سوف
يتوجهون إلى الإنترنت للبحث عن المعلومة سوف يستخدمون «محركات البحث»
إ كتابتك لموضوع أو عنوان بحث معين أو نظرية علمية - حتى ولو معقدة - في أحد محركات البحث الشهيرة وليكن على سبيل المثال Google ، كفيل بأن يحضر لك أكبر مكتبات العالم بين يديك بأحدث الأبحاث والكتب والمراجع التي قد لا تتخيلها والتي قد تحتاج إلى أعوام كاملة لتجميعها في أرض الواقع!
فلماذا لا يصبح المصدر الأول للحصول على المعلومات لدى هؤلاء الباحثين ؟!
أين يمكن الحصول على معلومات على الإنترنت؟
سوف نتناول هنا مثالا بسيطا لكيفية التحقق من المعلومات العلمية باستخدام
الإنترنت . لنفرض مثلا أنك قرأت خبرا في جريدة يومية أو عنوانا عابرا
« عقار جديد من مكونات طبيعية 100 % يزيل أعراض البرد نهائيا »
قد يبدو خبرا جيدا للوهلة الأولى ولكنبمجرد قراءتك للخبر ستدور في عقلك
مجموعة من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات. منها على سبيل المثال لاالحصر :
- ربما يكون منتجا تجاريا
- ربما يكون حقيقيا
- ما تأثيراته الجانبية؟
- ما هي المكونات الحقيقة للعقار؟
- والكثير من المسائل الأخرى التي تحتاج إلى أدلة
بالطبع لن تجد هذه الإجابات في الجريدة التي قرأت فيها الخبر . بالنسبة لموضوع كهذا ربما يكون البحث في أحد المراجع أو الكتب العلمية أمرا مجد لعدة أسباب منها أن هذا العقار قد لا يكون عقارا حقيقيا أي أنه ليس له دليل علمي .
واضح أو ربما يكون هذا العقار حقيقيا ولكن المعلومات لن تكون متوفرة في الكتاب بالطبع لأن العقار جديد !
في هذه الحالة لن تجد غير الإنترنت بديلا للحصول على هذه المعلومات أو الإجابات
للأسئلة التي تدور في رأسك. لكن ضع في اعتبارك أن الحصول على المعلومة
العلمية الصحيحة من الإنترنت ليس أمرا هينا ويحتاج إلى جهد في إثبات أو
دليل أو الحصول على توثيق لهذه المعلومة. أضف إلى ذلك أن المواقع على الإنترنت
ليست متساوية في درجة الشفافية و أن المعلومات التي توجد بها ليست واحدة
وليست كل المواقع يمكن الاعتماد عليها في مثل هذه الأمور.
إذًا كيف نتحقق من هذا الأمر عن طريق الإنترنت؟
- ابحث عن مصدر أو موقع علمي موثوق
من أهم الأشياء التي يجب أن تضعها في اعتبارك هي الحصول على مصدر
للمعلومات العلمية أو موقع مكتوب بواسطة فريق من الباحثين أو العلماء أو
المختصين الذين يمكن الوصول إلى معلومات عنهم وليس أشخاصا وهميين لا
وجود لهم أو لا يمكن الحصول على معلومات واضحة عنهم. على سبيل المثال
مصادر المعلومات الموثقة من الممكن أن تجدها تابعة لجهات بحثية عامة أو تابعة
لجامعات معروفة في هذا المضمار أو دوريات علمية متخصصة في هذا المجال
الذي تبحث عنه. مثل مجلات العلوم الشهيرة Science Magazine ومعاهد
الأبحاث ومنظمات علمية موثوقة مثل مركز أبحاث الأمراض ومعهد مهندسي
الإليكترونيات والكهرباء كمثال لجهة علمية في تخصصات الهندسة وما إلى
ذلك حسب التخصص الذي تبحث عنه
- ابتعد عن المواقع التي تفتقر للشفافية أو المصداقية
ليس من الصعب أن تحدد إن كان هذا الموقع أو المصدر ذا توجهات معينة أو أنه
يضع معلومات قد تكون مضللة للحصول على ربح مادي أو ما شابه. على سبيل المثال المواقع التي تبيع منتجا معينا قد تجد عليها الكثير من المعلومات المغلوطة وغير الموثقة والتي تهتم بإبراز مميزات السلعة التي تبيعها للمستخدم .
نحن لا نقصد هنا كل المواقع ولكن نتحدث عن الحقائق العلمية على سبيل
المثال قد تجد منتجا في موقع معين يروج لأن «الجزر يعيد إليك شعرك ويعالج
الصلع » يبدو الأمر مقبولا للوهلة الأولى إذ قد يكون هذا علميا من الممكنات
ولكن هل ستجد على موقع هذه الشركة التي تبيع المنتج تفصيلات
دقيقة لهذا الأمر. بالطبع لا، سوف تجد معلومات في أغلب الأحيان مشجعة
للمستهلك لا معلومات أو حقائق علمية. فغياب الحقائق العلمية ووجود
منتج بمعلومات غير موثقة من الأسباب التي تجعلك لا تعتمد على هذا الموقع كمصدر للمعلومة العلمية
ابحث دوما عن آخر المستجدات
العلوم كل يوم يستجد فيها جديد ومن المهم جدا إن كنت تبحث عن معلومة علمية أن تختار أحدث الأبحاث ومقارنتها ببعضها البعض للوصول إلى نتيجة علمية سليمة فليس من البديهي أن تعتمد على بحث في علم من العلوم منذ 5 سنوات لتعتمد عليه في استقاء معلومة معينة. على سبيل المثال مرض « سرطان الثدي » صدرت فيه أكثر من 15000 ورقة بحثفي العام 2006 فقط
وبطبيعة الحال إذا بحثت عن موضوع من المواضيع باللغة العربية سوف تجده أن المعلومات إما فقيرة وغير كافية وإما صحيحة و مجهولة الهوية و المصدر و إما أن تجد آلاف الصفحات بها نفس المحتوى
.وهذا ما سوف تتضمنه المقالة القادمة بإذن الله
فى رأيك : ما سبب فقر المحتوى العربى على الإنترنت ؟
محمد فارس