هذه ترجمة لمقالة ممتازة كتبها رك فالكفنج مؤسس أول حزب سياسي للقراصنة وناشط سياسي مهتم بحقوق النشر وبحرية الوصول للمعرفة. نشرت المقالة يوم 31 يناير 2011 على موقعه الرسمي falkvinge.net. المقالة الأصلية تخضع للملكية للعامة وفقًا لCC0 أما الترجمة فتخضع لنفس ترخيص وادي التقنية الحر (CC BY-SA 3.0).
إحدى أكثر الأسئلة التي أتلقاها وأكثرها خروجًا عن الموضوع "كيف يمكن للفنانين أن يكسبوا قوتهم؟" لو قلصنا احتكار النشر إلى حدود معقولة. لكن طرح هذا السؤال على سياسي غير منطقي لسببين رئيسيين وآخرين ثانويين.
1. هذه ليست مشكلة السياسيين
يوجد في معظم أنحاء العالم اقتصاد يحكمه السوق أي أن على كل واحد منا إيجاد وظيفة يجني منها قوته؛ لن يملي السياسيون ولن يستطيعوا إملاء آلية يمكن عبرها لشخص ما كسب قوته.
كان للاتحاد السوفيتي اقتصاد منظم ولذا كان طرح ذلك السؤال هناك مشروعًا.
يا بلادمر بلتنكوف، تقول أنك ترغب في أن تكون مغنيًا لكن صوتك سيء للغاية وأنت تبدو قويًا. يجب أن تعمل عامل بناء طيلة حياتك وسوف تدفع لك مديرية الإنشاء. يا فجودر دستويفسكج، صحتك في حالة مزرية وكتاباتك يحبها المثقفون -رغم أن معظم الناس لا يعرفون السبب-. يجب أن تعمل كاتبًا طيلة حياتك وسوف تدفع لك المديرية العامة للفنون المبهمة.
من الملاحظ أنك لم تملك اختيار الوظيفة التي تريد كسب قوتك عبرها حتى في الاقتصاد المنظم. في الاقتصاد الذي يحكمه السوق، على كل فرد إيجاد طريقة ما يساهم بها للاقتصاد ويجني قوته منها.
لا يمكن أن تطلب من السياسيين تقرير من سيدفع لك مرتب الشهر القادم.
2. هذه ليست مشكلة أصلا.
حتى لو وضعت القضية أمام السياسيين، فسيتبين أنها ليست مشكلة أصلا. لقد ارتفع معدل دخل الفنانين بشكل عام بنسبة 114% منذ ظهر تشارك الملفات. ارتفع عدد الفنانين الذين يكسبون قوتهم من فنهم بنسبة 28% ومعدل دخل كل فنان ارتفع بنسبة 66% وفقًا لدراسة نرويجية. أظهرت إحصاءات المملكة المتحدة الشيء ذاته (هذه الإحصاءات على الموسيقى، القطاع الأكثر شكوى)
الجزء الذي يخسر في القطاع هو الوسيط الذي لم نعد بحاجة إليه: قطاع حقوق النشر. هم -شركات التسجيل- الذين يدعون إلى القضاء على الإنترنت وصرفها عن صورتها التي نعرفها اليوم.
لكن الفنانين ليسوا بحاجة إلى شركات التسجيل لينتجوا الثقافة ويعرضوها ويبيعوها. إن من المرجح أن أكثر ما يخيف شركات التسجيل أن المزودين لم يعودوا بحاجة إلى خدماتهم وهو ما يدفعهم إلى مهاجمة قنوات التوزيع التي تسمح للفنانين بالتخلي عنهم.
3. رواد التجارة سيظلون روادها.
نعم. إن حزب القراصنة يؤيد بشدة حق أن يكسب الناس قوتهم لكن لا يمكن أن يسمي أحد ما يفضله من ترفيه "عملا" ثم يطالب أن يدفع له.
في اللحظة التي يتحول فيها الشخص من عزف الغيتار في غرفة نومه وفي الحفلات إلى الرغبة في كسب المال عبر ذلك، فإنه يتحول من فنان إلى رائد تجارة وإلى رجل أعمال. سوف تطبق عليه نفس القواعد التي تطبق على غيره من تجار العالم: يجب أن يوفر شيئًا يريد أحد الدفع للحصول عليه.
إذا تمكونوا من القيام بذلك فلن يحتاجوا قانونًا يؤمن تجارتهم. إذا لم يتمكنوا من ذلك، فلا يمكن أن ينقذ أي قانون معقول تجارتهم.
4. حقوقي الأساسية أهم من أرباحك.
لقد رأينا أن الإجابة على سؤال "كيف يمكن للفنانين أن يكسبوا قوتهم؟" ليست مشكلة في العالم الحقيقي، فالفنانون يكسبون أكثر من أي وقت مضى والإنتاج الثقافي أكثر من أي وقت مضى والمشكلة ليست مشكلة تشريعية. لكن حتى لو لم ينطبق كل ذلك، حتى لو كان الفنانون يعانون فعلا (وهذا خلاف الواقع، لكن الوسيط المتطفل هو الذي يعاني) ستظل الحاجة إلى تقليص حقوق النشر كما كانت سابقًا قائمة لأنها بصورتها الحالية تخرق حقوقي الأساسية، فأنا كمواطن أوربي لست مستعدًا للتنازل عن حقوقي المدنية لتزيد شركة عالمية أرباحها.
تعتبر الإنترنت وسيلة التعبير ووسيلة التجمع ووسيلة الصحافة في القرن الواحد والعشرين.
إذا لم تتمكن شركة ما من تأمين تجارتها دون تقليص تلك الحقوق، فهي تستحق أن تفلس، وكلما كان ذلك أبكر، كلما كان ذلك أفضل.
5. ويعيد التاريخ نفسه
لن نكون في حالة عجز ثقافي أبدًا. لقد استمررنا على الإنتاج منذ اليوم الذي تعلمنا فيه وضع الطلاء الأحمر على جدران الكهوف والثقافة اليوم متاحة بشكل أفضل من أي وقت مضى والفضل في ذلك يعود للإنترنت.
يوجد ملايين من الذين يرغبون في أن يكسبوا قوتهم من إنتاج الثقافة وعددهم يزيد على ما يمكن أن يطلبه الناس. معظم الناس ينتجون لسبب غير كسب المال. لن تجد صعوبة في إيجاد وسيط تجاري أو محاسب محترف يتسلى بغيتاره عندما يعود من عمله إلى المنزل لكن هل يمكن أن تريني عازف روك محترف يأخذ السجلات المالية ليتسلى في وقت فراغه؟ من نظرة اقتصادية، ستجد أن عدد المنتجين أكثر. هذا هو الحال دائمًا.
عندما ظهرت الطباعة والمكتبات العامة، حذر الوسطاء المتطفلون من موت الثقافة. ويعيد التاريخ نفسه. دعونا نتخلص من الوسطاء ونقلص احتكاراتهم وندع المجال للفنانين وللثقافة أن ينعموا.