تتحرك خرائط الشارع المفتوحة OSM من مرحلة المراهقة الصعبة لها إلى مرحلة النضوج والشباب.
إلى جانب أنظمة تحديد المواقع, فإنّ أهم تطورٍ في حركة البيانات الجغرافية المفتوحة هو أنظمة الخرائط المفتوحة OSM, الـOSM هو مشروع رسم الخرائط اعتماداً على المجتمعات المحليّة وهدفه إنشاء خرائط صحيحة ومفصلة بشكلٍ كبير وحاليّة عن العالم. في هذا الأسبوع تحتفل الـOSM بعيد ميلادها العاشر, وهذا يوفّر ذريعةً مناسبةً لتسليط الضوء على إنجازاتها التاريخية المدهشة وغير العادية والواعدة في جميع المجالات.
عندما بدأ المشروع من قِبل ستيف كوست في عام 2004، كانت مصادر بيانات الخرائط قليلةً جداً ومُسيطَرٌ عليها بشكلٍ كبير من قِبل مجموعةٍ صغيرةٍ من المتحكمين الحكوميين والخاصين. ضمنت ندرة بيانات الخرائط أنها بقيت مكلفةً ومقيّدةً للغاية على حدٍّ سواء, ولا يمكن لأحدٍ سوى شركات الملاحة أن يستخدم بيانات الخرائط. قام ستيف بتغيير القواعد من خلال إنشاء مورد كالويكي من العالم كله, والذي يمكن استخدامه من قِبل الجميع وبدون أيّة عوائق.
لم يكن سحر نجاح الـOSM في وقتٍ مبكر بسبب التوقيت المناسب فقط, حيث أصبح الـGPS في متناول الجميع وازدياد رخص عملية التخزين وأن الآيفون أصبح قاب قوسين أو أدنى, ولكن لأنها وفّرت أيضاً أرضيّةً للقراءة والكتابة حيث يمكن للمتحمسين أن يرسموا الخرائط المتجددة عليها ويقوموا بتحويل إحباطهم إلى أفعال. باعتبار أنّ الخرائط هي وثوقيّة شخصية بالإضافة إلى أنها سياسة صريحة, فإنّ الـOSMأصبحت تعالج خرائط المواطنين بمفارقة معيّنة, فلم تعد الموارد التي تخصصها الشركات لرسم الخرائط تدر عليها إيرادات, وبدلاً من ذلك أصبح كل شخص بحاجةٍ فقط إلى بعض الوقت واتصال بالأنترنت لإضافة البيانات عن بلدهم أو منطقتهم.
إنّ الروح الاجتماعية الكامنة وراء الـOSM هي أكثر بكثير من مجرد شعورٍ جيدٍ باحتفالٍ ما: فالطبيعة الاتحادية للمشروع توفّر للأفراد وسيلةً لضمان تمثيل مجتمعاتهم وجعل ذلك حقيقاً, كالجهود المبذولة في رسم الخرائط في هايتي لمساعدة الإغاثة الإنسانية أو الجهود المبذولة في الصين وبعض البلدان الأخرى حيث يعتقد البعض أنّ خريطة الأرض يجب أن تكون مستقلةً عن رقابة الحكومة وعن الأذونات لاستخدامها. هذه المشاريع والمئات مثلها, ليست فقط جهوداً مبذولةً من أجل خرائط الشوارع المفتوحة, ولكن بدلاً من ذلك فإنها توفّر آليةً للأفراد والمنظمات للمساهمة في الأعمال لأسبابهم الخاصة ووفقاً لشروطهم.
"هل كسبت المعركة بسيفك؟"
"بالتأكيد لقد ربحت المعركة, أنا أعظم مقاتلٍ بالسيف في العالم كله," يقول هيرو.
"وهل أنت من كتبت البرنامج؟"
"نعم, أنا أيضاً من فعل ذلك," يقول هيرو.
- نيل ستيفنسون, سنو كراش.
لم يكن يُقصد بالـOSM أن تكون مثاليةً أبداً, ولا يزال هذا النهج واقفاً من السحر البسيط وراء نجاح المشروع. للعشاق المبكّرين لـOSM "جيدٌ بما فيه الكفاية" كان ميزةً وليس علّة, وكان وسيلةً أيضاً وليس غاية. وبشكلٍ غير معلن فإنّ نظام الاعتقاد المشترك أداةٌ من الإيمان العلمي للـOSMers في مستقبل الخرائط, ومن المعتقد أنّه سيكون بسبب الانفتاح واللامركزية أفضل خريطةٍ على هذا الكوكب في النهاية. وبالنسبة لعشاق الـOSM فالسؤال ليس "كم هو جيدٌ الآن؟" بل "كم سيكون جيداً ومتى؟" والإجابات دائماً "الأفضل" و "في أقرب وقتٍ ممكن".
الثقة في هذه الخرائط ليست مجرد إيمانٍ بالخبرة. وعلى الرغم من أنّه نادرٍ ما نسمع مصطلح "سرعة الخريطة", فإنّ OSM تملك سرعةً كبيرةً وتوجيهاً يمكننا من القول مجازاً بأنهما عاملين ممتازين ولتوضيح ذلك هذا الفيديو يعرض أفضل معدل لتعزيز عشر سنواتٍ من تحرير الخرائط (1:36) والذي يعرض سرعة تعديل الخرائط بالميلي ثانية و موقع الأكثر تفاعلاً الذي يعرض الخرائط في شاشة منقسمة تظهر حالة العالم في عام 2007 على اليسار وفي2014 على اليمين. وللحصول على المزيد من السطحية والتقييمات التكميلية, يوفّر الجيوفابريك أداةً ممتازة للمقارنة حيث يمكن لبيانات الـOSM أن تُعرض في بينج وجوجل وغيرها من مقدميّ الخدمة.
خرائط لوس أنجلس عام 2007 والآن على OSM
مقارنة خريطة غزة اليمين من خرائط جوجل و اليسار خريطة OSM
أولا يتجاهلونك ثمّ يضحكون عليك, ثمّ يقاتلونك وبعدها تفوز.
- المهاتما غاندي
مثل الألعاب النارية فإنّ الشي الأكثر إثارة حول الـOSM هو إمكاناتها. خلقت هذه المبادرة في السنوات العشر السابقة طريقة عرضٍ متفوقةٍ للخريطة, ولكن القصة لم تكن أبداً كيف تبدو الخريطة, ولكنها كانت البيانات الموجودة فيها. وعلى عكس أيّ خريطةٍ على الأنترنت فإنّ الـOSM تسمح لأي شخصٍ بالوصول إلى البيانات الرئيسية, مما يعطي قوةً للخرائط التي تراها. على سبيل المثال فإنّ شركة Mapbox والتي تقوم برسم خرائط الـOSM, تقدم بشكل عام تعبيراً عن هذا الاختلاف الحاسم, وقد بدأت في هذا الأسبوع بتسويق منتجاتها كـ منصة للبيانات الجغرافية. الرسالة الناشئة لجميع مستخدمي OSM هو أن خريطة الشوارع المفتوحة هي ليست خريطة, بل هي مجموعة البيانات المكانية الفريدة.
إنّ أيّ شخصٍ مطلّع على مفارقة خط الساحل سيعرف أنّ البيانات الجديدة والمطورة يمكن أن تضاف دائماً إلى الخريطة, ولكن الخريطة لن تنتهي. ليس لأنّ المهمة كبيرة جداً ولكن لأنه لا توجد نهاية.
والآن في عقدها الثاني, فـOSM تتحرك من مرحلة المراهقة المحرجة إلى مرحلة النضوج والشباب, وبشكل خاص للتفاصيل المملة التي يتمّ تنظيمها وتنظيفها في الخلفية, مما يجعلها أكثر قابليةً للاستخدام ولكن دون أن تكون مرئيةً, حيث يتم الحصول على اتصال بين العقد وتحويل التقييدات لسهولة التنقل والملاحة, بينما يتم فهرسة العناوين للمساعدة في للترميز الجغرافي وإيجاد الأماكن. وفي النهاية يمكننا أن نتوقع في السنوات العشرة المقبلة التركيز على إثراء العلاقات بين البيانات والمحتوى الجديد للأماكن المحيطة والذي يجعل الخريطة يمكن استخدامها لأشياء أكثر وذات قيمة. وبينما نجد الآن في المجتمع بعض الانفعالات بسبب تفوق مساهمات الأجهزة على مساهمات الإنسان في الحياة (حيث ثمّة من يقول أنّ الآلات ليس لديها الذاتية والمعرفة المحلية) فإنّ أموالي سوف تساهم من آلات وأجهزة استشعار في التفوق على البشر في المستقبل القريب.
لدى OSM الآن أكثر من مليون ونصف مستخدم مسجل, بما في ذلك كبرى شركات رسم الخرائط والملاحة. إن OSM في داخلها هي مجتمعٌ فوضويّ وواسع الانتشار, ولكنهم يؤمنون بالخرائط وبقوة العمل المشترك, وهي أسباب وجودها. تمّ تسمية المشروع بخريطة الشوارع المفتوحة (الخريطة الواحدة والفريدة) لهذا السبب الخاص للغاية.
مقالة مترجمة ، بواسطة عاصم عبدالحفيظ