لقد أعجب مطورو البرمجيات الحرة مرارًا وطوال العقد الماضي بأدوات التطوير التي تمكّنهم من بناء البرمجيات الحرة بكفاءة وقوة.
كان يقال لنا أن الضريبة الوحيدة هي أن تلك الأدوات ليست حرة أو هي خدمات شبكية لا يمكن لنا أن نرى كودها أو نسخه أو نشّغله بأنفسنا. تخلى مطورو البرمجيات الحرة عن حرية المطورين والمستخدمين عندما اتخذوا قرار استخدام تلك الخدمات (مثل BitKeeper و SourceForge و Google Code و GitHub) “لأن الغايات تبرر الوسائل”. إن قرار تبني أدوات التطوير غير الحرة أو غير المنشورة يضر بمصداقية دعوتنا لاستخدام البرمجيات الحرة ويضحي بحريتنا وحرية مستخدمينا على نحو يجب أن نرفضه.
في عام 2002 أعلن ليوناس تورفلدز أن النواة لينكس سوف تنتقل إلى نظام إدارة النسخ المُوزّع “BitKeeper”، وعلى الرغم من أن القرار تلقى الكثير من التحذيرات وتبعه كثير من النقاشات، إلا أن BitKeeper سمح لمطوري النواة بالعمل بطريقة موزعة على نحو لم يكن -آن ذاك- مدعومًا من برمجيات حرة. خلص بعض مطورو النواة لينكس إلى أن المزايا تستحق مقايضتها بحرية المطورين. بعد ذلك بثلاث سنوات انتصر المعارضون بعد أن سحب Larry McVoy -مالك BitKeeper- الرخص المجانية من عدد من مطوري النواة بعد أن حاول Andrew Tridgell كتابة بديل حر لBitKeeper. اضطر مطورو النواة إلى كتابة البديل الحر بأنفسهم، وهو المشروع الذي بات يعرف بGit.
لا شك أن علاقة أدوات التطوير غير الحرة بالبرمجيات الحرة تتخطى BitKeeper. كان مصدر SourceForge -خدمة دعم تطوير البرمجيات الحرة- متوفرًا لمستخدميها في وقت مضى إلى أن قرر كاتبوها الانتقال إلى نظام مغلق تمامًا؛ وعلى الرغم من أن SourceForge مبني على برمجيات حرة، إلا أن مستخدمي SourceForge يتعاملون معه عبر الوب ولا يمكن لهم أن يطالبوا بالحصول على الكود المصدري لأنهم لا يملكون أي نسخة من برنامج SourceForge. موقع شركة CollabNet Tigris.org وخدمات غوغل ل”استضافة مشاريع المصادر المفتوحة” و GitHub كلها لها نفس الغرض وهي تقوم بالحيلولة دون الوصول إلى الكود المصدري. يقدمون خدماتهم تلك عادة بدون مقابل ويشجعون تطوير البرمجيات الحرة إلا أن دعوتهم لا تشمل برمجياتهم التي تشغل منصات التطوير. الكود المصدري لكل واحدة من تلك الخدمات سري ولا يمكن للمطورين الذي يستخدمونها تعديله.
تسبب أدوات التطوير تلك معضلة لكثير من مطوري البرمجيات الحرة لأن هدف كثير منها زيادة الحرية والبرمجيات الحرة عبر رفع كفاءة التطوير. تدعي CollabNet وغوغل و GitHub أملها في أن تنجح البرمجيات الحرة وتدعي أنها تريد المساعدة، إلا أن تلك الشركات -لأسباب عديدة- تدعم البرمجيات الحرة بأدوات أقل أخلاقية من البرمجيات التي تُنتج. النتيجة هي مطورون ضعفاء لأن الكود الذي ينتجه أولئك الخارقون (الهكر) مرهون في بيئة محتكرة.
المشكلة أن استخدام تلك الأدوات يبعث رسالة لمستخدمي البرمجيات أن “البرمجيات الحرة مهم لكم كمستخدمين، وليس لنا كمطورين”. إن تلك الرسالة تضعف الالتزام الأخلاقي الذي هو في صلب حركة البرمجيات الحرة. يجب أن نثبت (بما أننا متلزمون بالبرمجيات الحرة) أن بإمكاننا أن ننجح (وأن نتفوق) باستخدم البرمجيات الحرة. يجب أن ندعم البدائل الحرة للأنظمة المحتكرة (مثل Savane -الذي يمكن أن يستبدل SourceForge أو Google Code- الذي يشغل GNU Savannah أو Gitorious -الذي يمكن أن يستبدل GitHub-) بأن نستخدمها وأن نحسن قصورها.
بعد ذلك يجب أن نعي أن استمرار حرية استخدام البرمجيات التي ننتجها وتوزيعها وتطويرها (على الأمد البعيد) مربوط بحرية البرمجيات التي يعتمد عليها ذلك.
لا تقدم رخصة GNU GPL ولا الكود المصدري الكثير للمستخدمين الذين يحاولون تعديل البرنامج بدون وصول حر إلى البرمجيات المطلوبة لإجراء ذلك التعديل. إن الأمر لا يقتصر على أن حرية المطورين على المحك، بل حتى المستخدمين وكل مطوري النسخ المشتقة في المستقبل. إن اختيار استخدام الأدوات غير الحرة يضع الجميع تحت رحمة المجموعات أو الأفراد الذين ينتجونها.
وعلى الرغم من أن أدوات التطوير المحتكرة يمكن أن تساعد مطوري البرمجيات الحرة في إنشاء مزيد من البرمجيات على الأمد القصير، إلا أنها تضحية غير مقبولة ويجب أن ينحاز مطورو البرمجيات الحرة إلى الطرف الذي يطالب بالحرية عند طرح قضية الخدمات الشبكية. من التناقض والتقلب والظلم لمستخدمي برمجياتنا ولمجتمع البرمجيات الحرة بأسره أن نتنازل عن مبادئنا لنكسب المزيد من الحرية.
وكما ركز مطورو غنو الأوائل على إنشاء أدوات حرة لإنشاء البرمجيات الحرة، فإن من واجبنا أن نحفاظ على إمكانية إنتاج البرمجيات بحرية وباستخدام أدوات حرة تمامًا. إن إخفاقنا في ذلك سينتج (بطريقة غير مباشرة) عن برمجيات أقل حرية. يجب أن نعارض استخدام الأدوات التي لا تمنحنا الحريات التي نحاول منحها لمستخدمي برمجياتنا ويجب أن نضغط على منتجي أدوات التطوير تلك. لم تنجح البرمجيات الحرة بسبب تنازلنا عن مبادئنا ولن ينفعنا تقنيًا ولا عمليًا ولا أخلاقيًا التنازل عن الأدوات الحرة لبناء عالم حر.
Copyright © 2010 – Osama Khalid
Free Software Needs Free Tools by Benjamin Mako Hill and Osama Khalid is licensed under a Creative Commons Attribution-Share Alike 3.0 Unported License.
Based on a work at mako.cc.