مفاهيم في الشبكات (2)

نشره زائر (لم يتم التحقق) في

هذه المقالة تكمل ما بدأناه في المقالة السابقة من الكلام عن مفهوم البروتوكولات والطبقات في عالم شبكات الحاسوب. حان الدور الآن لنتعرف على مفهوم رأس البروتوكول protocol header، وهو الجزء الذي يحدد عملياً الفرق بين بروتوكول وآخر داخل الأسلاك. بالنسبة للهاكرز (بالمفهوم الشامل للكلمة) يمثل هذا الجزء القطعة الأهم من الكعكة كلها. بعد ذلك، نعرّج بإذن الله على المصدر الأساسي الذي تجد فيه كل مايتعلق بتفاصيل ما تكلمنا عنه (وما لم نفعل).

دور رؤوس البروتوكولات Protocols Headers

يمكن تصوير مفهوم الطبقات بسهولة باستخدام الصور والأشكال، ولكن هناك حاجة إلى وسيلة لتطبيق هذا المفهوم في الأسلاك (أو على قناة لاسلكية). كما لوحظ سابقاً، العبء الإضافي overhead من كل رسالة بين طرفين على الشبكة يقسّم إلى عدة أجزاء (راجع من فضلك المقالة السابقة)، كل جزء يخصّ كائناً معيناً في كلا الطرفين، وينتمي إلى طبقة محددة. كل طبقة مسؤولة عن إضافة ما يعنيها من الأعباء الإضافية إلى الرسالة الصادرة عند الإرسال (في شكل عدد محدد من البايتات بالطبع). تضاف هذه الأجزاء من الحمل عادة في بداية الرسالة المنقولة، ولذلك تسمى برأس الرسالة header. الرؤوس التي تلحقها كل طبقة بالرسالة، على طول الطريق من الطبقات العليا وصولاً إلى الطبقات السفلى، هي في الواقع تمثل بروتوكولات تلك الطبقات؛ وهكذا عندما تنطلق الرسالة في الأسلاك (وسيطة النقل الفيزيائية)، فإن الطبقات المنطقية التي تكلمنا عنها سابقاً هي في الواقع متجسدة في أجزاء الرسالة التي تمثل العبء الإضافي، وكل جزء من هذا العبء هو في الحقيقة رأس تم إلحاقه من قبل طبقة محددة. ترتيب الرؤوس في الرسالة يحدد ترتيب الطبقات التي أضافت هذه الرؤوس، ويتم فصله من قبل الطبقات النظيرة على الطرف الآخر، انطلاقاً من الطبقات السفلى حتى تصل الرسالة إلى الطبقات العليا في هذا الطرف. عندما تستخرج كل طبقة في الطرف المستقبل ما يخصها من رأس، فإنها تستخدم معلومات البروتوكول التي يحويها من أجل أداء وظيفتها. لأن كل طبقة تضيف رأس البروتوكول الذي يخصها على التوالي، يبدو الأمر كما لو أنه يتم تغليف البروتوكولات العليا داخل البروتوكولات الأدنى. الشكل رقم 2 يصور هذه الفكرة فيما يتعلق ببروتوكولات TCP/IP، مع بروتوكولات مثال من كل طبقة.

مفاهيم الشبكات 2

دلالة الشكل أعلاه هي أن جميع المعلومات المتعلقة بروتوكول معين تتلخص في الرأس الذي يخص ذلك البروتوكول. الفهم الجيد لتركيبة هذه الرؤوس، ووظيفة كل جزء منها (ويشار إليها بالحقول)، أمر ضروري من أجل فهم جيد لوظائف البروتوكولات المختلفة، ومن ثمّ وظيفة الشبكة (وكذلك من أجل فهم مختلف التقنيات التي قد تستخدم في كسر أمن الشبكات، لمن كان مهتماً). الوصف التفصيلي لهذه المعلومات متوفر في أدبيات الشبكات بشكل عام، ولكنه متركز بشكل خاص في وثائق رسمية للمعايير أو المقاييس standards، ويشار إليها باسم طلبات للتعليق Request For Comments. الاسم المختصر الأكثر شيوعاً (والأبعد عن غرابة الترجمة، ولذلك سنستخدمه إن شاء الله)، هو RFCs. المزيد من المعلومات حول مستندات RFC ومصادرها بعد هنيهة في هذا المقال.

أود أن أشير هنا إلى أن نظريات بروتوكولات التشبيك ومفاهيم الطبقات، ومختلف النماذج (بخلاف TCP/IP) مفصّل في عدد كبير من كتب شبكات الحاسوب، بعض هذه العناوين المعروفة، التي تستخدم ككتب text books في الجامعات:

1. Tanenbaum Andrew S. 2003. Computer Networks, Fourth Edition. New Jersey: Pearson Education, Inc.

2. Stallings, William. 2007. Data and Computer Communications, Eighth Edition. New Jersey: Pearson Prentice Hall.

3. Forouzan, Behrouz A. 2007. Data Communications and Networking, Fourth Edition. New York: McGraw-Hill Companies Inc.

مستندات طلبات التعليقات RFCs

وعلى الرغم من أن بروتوكولات TCP/IPلا يخلو تقريباً كتاب في الشبكات من ذكرها وشرحها، تظل المرجعية القياسية الأكثر شمولاً وموثوقية لهذه البروتوكولات، هي مجموعة من الوثائق، متاحة للجميع في الإنترنت، ومعروفة باسم RFC كما مر معنا أعلاه. يمكن كتابة هذه الوثائق من قبل أي شخص، في العادة المهندسين وعلماء الكمبيوتر، ويمكن أن تكون لأغراض إعلامية (من باب الإعلام بالشيء وتعليمه، وليس من باب الإعلام الاصطلاحي هذه الأيام) أو للمراجعة من قبل الزملاء والأقران على مسار التقييس (بهدف أن تصبح مادة المستند مقياساً متفقاً عليه standard). يمكن أن تبدأ RFC كمقياس مقترح، تشرح بالتفصيل على سبيل المثال تعريف بروتوكول جديد، ثم تنتقل إلى حالة مسودة مقياس draft standard، وأخيراً تتحول إلى حالة مقياس معتمد من مقاييس الإنترنت، إذا تمت الموافقة عليها من قبل كيان رسمي (فريق مهام هندسة الإنترنت the Internet Engineering Task Force IETF). عند هذه النقطة، تصبح الـ RFC مرجعية لتنفيذ (برمجة) البروتوكول من قبل أي جهة. لاحظ أن المفترض أن نسخ كل الجهات المختلفة يعمل بعضها مع بعض بسلاسة، لأنهم يستخدمون نفس البروتوكول، ويلتزمون بنفس المرجع، وهذا هو الهدف من التقييس في المقام الأول. المصدر الرسمي لجميع الـ RFCs موقع ويب محرر RFC على الرابط التالي: http://www.faqs.org/rfcs/rfc-index.html.

 

بروتوكولات TCP/IP وهي تعمل

على الرغم من أن مستندات RFC هي أهم مصدر لتفاصيل بروتوكولات TCP/IP، فهي نظرية بحكم طبيعتها، ومستوى التفاصيل التي تقدمها قد تكون عائقاً أمام فهم سهل لطريقة عمل البروتوكولات، لغير من يريد بالفعل أن ينفذها في منتجه. لحسن الحظ، قام بعض الكتاب باتباع أسلوب مميّز لشرح مجموعة البروتوكولات هذه، عن طريق تشريح رسائل البروتوكولات، وتتبعها على الأسلاك، وهي تنتقل من جهاز إلى جهاز، وذلك باستخدام برامج لالتقاط الحزم packet sniffers، مثل tcpdump. واحدة من أكثر الأعمال شعبية، والتي تستحق جيداً سمعتها، المرجع الكلاسيكي لستيفنز، وكتب أخرى مماثلة في هذا الصدد:

1. Stevens W. Richard. 1993. TCP/IP Illustrated, Volume 1: The Protocols. Massachusetts: Addison Wesley.

2. Goralski, Walter. 2009. The illustrated network: how TCP/IP works in a modern network. Massachusetts: Morgan Kaufmann Publishers is an imprint of Elsevier

3. Northcutt, S., & Novak , J. 2003. Network intrusion detection, Third Edition. Indiana: New Riders Publishing.

(يتبع إن شاء الله...)

هذه السلسلة:

-  مفاهيم في الشبكات (1)

- مفاهيم في الشبكات (2)