لم يمض أكثر من بضعة أسابيع منذ أن أعلن كثير من مطوري مكتبة الصوتيات والمرئيات الحرة FFmpeg انشقاقهم على المشروع الأصلي وإنشاء مشروع Libav، إلا أن المكتبة المشتقة قد وصلت إلى عدد من توزيعات غنو/لينكس الكبيرة مثل دبيَن، وجنتو، وأوبونتو.
بدأت قصة انبثاق Libav في يناير من هذا العام. يقول القائمون على المشروع في الصفحة التعريفية:
يشعر عدد كبير من مطوري FFmpeg النشطين بعدم الرضى عن طريقة قيادة المشروع وإدارته عامة، وعن قائد المشروع على وجه الخصوص. جرت العديد من المحاولات للتصالح وحل المشكلات داخليًا إلا أنها جميعًا باءت بالفشل.
انتشر المزيد من المشاحنات والخلافات في قائمة التطوير البريدية خلال السنوات الماضية. أُخرَت ميزات هامة وإصلاحات أو رُفضت بحجة عدم كونها مثالية. كما أن قوانين المشروع والمراجعة لم تكن تُطبق على الدوام. أغضب هذا الكثيرين وثبطهم، حتى هجر بعضهم المشروع.
تصعد الموقف في عام 2010. تسببت إضافة مثيرة للخلاف بإجراء تصويت على منصب القيادة. كانت النتيجة بقاء القائد مع إلزامه باتباع القوانين التي يتبعها الباقون، وبأن يحسن سلوكه. أسفرت الخلافات المحيطة بهذا كله عن مغادرة أحد أكثر المطورين نشاطًا وخبرة. حاول البعض تهدئة الأمر بالتوسط بين المطورين المستائين وبين قائد المشروع.
بعد بضعة أشهر لاحظنا أن الأمر لم يتغير للأفضل. كنا بدايةً ضد الاشتقاق لأن أغلب المطورين أعربوا عن رغبتهم بالانضمام، حتى مدراء الخادوم. لذلك حاولنا الإبقاء على المشروع كما هو. ما تلى ذلك من جدل كان متوقعًا، لكن البعض لم يكونوا على علم تام بالنقاشات والاحتجاجات، فانحازوا إلى القائد السابق، ولمدة من الزمن كانت توجد شجرتا تطوير تتشاركان قائمة بريدية واحدة وقناة IRC واحدة، وكان بينهما عداء شديد.
شمل القرار تكوين فريق جديد لإدارة المشروع وإعطائه صلاحيات حصرية للكتابة، بحيث تُرسل التعديلات والإضافات في صورة رقع يضيفها الفريق إلى البرنامج، في أسلوب مشابه لطريقة تطوير نواة لينكس، مما يعني نزع الصلاحيات عن القائد الحالي واستمرار التطوير تحت اسم FFmpeg. بعد هذا الإعلان الذي اتفق عليه الكثير، وتفاجأ به القائد وبعض المطورين تبين عدم صحة ما يدعو إليه.
علمنا لاحقًا أن مؤسس FFmpeg الذي يملك عنوان الموقع ما زال يفضل قائد المشروع المنحى حاليًا. نحن نحترم رأيه بالطبع، وهذا ما دعانا إلى اشتقاق المشروع تحت مسمى Libav وإنشاء ما يخصه من موقع، وقوائم بريدية، وقناة محادثة، ومستودعات، مما يفصله تمامًا عن المشروع السابق FFmpeg. نرجو أن نحقق في هذا المشروع ما افتقرت إليه عملية التطوير السابقة، وهو إيجاد البيئة الودية التي تخلو من الجدل العقيم حول التفاهات، وذلك لجعل مكتبة الوسائط المتعددة أفضل مما هي عليه الآن.
يبدو أن هذه الأحداث ولدت نوعًا من المنافسة بين الفريقين، فقد بدأ FFmpeg بإضافة ميزات هامة طال انتظارها، وهذا أقل ما تستحقه هذه المكتبة المتميزة التي تستخدمها البرمجيات حرة وامتلاكية احترافيًا. كما أن ما حدث ذكرنا بما حدث مع ليبرَ أوفس، وهو -بلا شك- يدعونا إلى التساؤل عن صحة ما يقال بشأن تشتت الجهود في مجتمع البرمجيات الحرة.