الرحيل من جوجل
منذ أربع سنوات مضت، تعرّفت على نظام التشغيل جنو لينكس عن طريق توزيعة فيدورا، وبدأت أتعرّف شيئًا فشيئًا على فلسفة البرمجيات الحرّة، والمجتمع التقني الكبير الذي يقف وراء نجاح هذه البرمجيات.
لم يكن انتقالي فجائي، بل عن طريق خطوات تدريجيّة، حصلت أولًا على فيدورا (ثم أوبونتو) إلى جانب ويندوز، وبعد أشهرٍ ستّة على ما أذكر تخليت عن ويندوز نهائيًا.
وهكذا في كل فترة أقوم بخطوة إضافيّة، بالإستغناء عن برمجيات وخدمات لا تحترم الفلسفة التي أؤمن بها.
وقد كانت محطتي الأخيرة في جوجل، هذه الشركة العملاقة، التي لم أفكر يومًا بالتخلي عن خدماتها، فمن يمكن أن يحلّ محلها .. لكن مالذي غيّر ذلك ؟
جوجل : سياسة مختصرة
منذ عدّة أشهر قامت جوجل بتعديل وإختصار سياستها للخصوصيّة، تريد جوجل من الجميع أن يقرأها ويطلع عليها، لذا بقيت ترسل إلي إشعارًا بضرورة ذلك، حتى ألقيت نظرة، وعلمت أن وضع كل معلوماتي وبياناتي في شركة واحدة، وتتبع سياسة كهذه، لا ينسجم مع الفلسفة التي أؤمن بها، ربما حان وقت الرحيل من جوجل ... قلت في نفسي
ماذا تقول سياسة الخصوصيّة بإختصار ؟
تدور هذه السياسة حول أمرين أساسيين : مالذي تجمعه جوجل عنك ؟ وكيف تستخدم جوجل هذه المعلومات ؟
فمالذي تجمعه جوجل ؟
"تطلب منك العديد من خدماتنا الاشتراك في حساب Google. وعند إجراء ذلك، سنطلب منك تقديم معلومات شخصية"
"يجوز لنا جمع معلومات حول الخدمات التي تستخدمها وكيفية استخدامك لها"
"يجوز لنا جمع معلومات عن جهاز معين (مثل طراز أجهزتك وإصدار نظام التشغيل ومعرِّفات الجهاز الفريدة ومعلومات عن شبكة الجوال بما في ذلك رقم الهاتف)"
"معلومات السجل الهاتفي، مثل رقم الهاتف ورقم الطرف المتصل وأرقام إعادة التوجيه ووقت المكالمات وتاريخها ومدة المكالمات ومعلومات توجيه الرسائل القصيرة SMS وأنواع المكالمات"
" يجوز لنا جمع ومعالجة معلومات عن موقعك الفعلي، مثل إشارات GPS التي يتم إرسالها بواسطة جهاز جوال. كما يجوز لنا استخدام تقنيات عدة لتحديد الموقع"
فكيف تستخدم جوجل هذه المعلومات ؟
تقول جوجل أنها ستستخدم هذه المعلومات للتحسين من تجربة إستخدامك لمنتجاتها، مثل تقديم محتوى خاص بك أثناء البحث، حسنًا .. ماذا أيضًا ؟
"إذا كانت تتم إدارة حسابك في Google بواسطة مشرف نطاق (على سبيل المثال، لمستخدمي Google Apps) فستكون لدى مشرف النطاق والموردين الذين يقدمون دعم المستخدم لمؤسستك إمكانية الدخول إلى معلومات حسابك في Google (بما في ذلك بريدك الإلكتروني والبيانات الأخرى)."
"نقدم المعلومات الشخصية للشركات التابعة لنا أو غيرها من المؤسسات أو الأشخاص الموثوق بهم ليعالجوها لحسابنا"
"سيتم مشاركة المعلومات الشخصية مع الشركات أو المؤسسات أو الأفراد خارج Google إذا كنا نعتقد بنية حسنة أنه من الضروري الدخول إلى المعلومات"
حسن نية؟!
مثل ماذا ؟
"الالتزام بأي قانون سارٍ أو لائحة أو إجراء قانوني أو طلب حكومي واجب النفاذ،"
يبدو أن الأمور باتت واضحة، لا يوجد إحترام لخصوصيّة المستخدم، بالمعنى الذي أرغب به.
جوجل ليست شيطانًا، وليست شركة سيئة، ساهمت جوجل في برمجة ودعم العديد من البرمجيات والمشاريع مفتوحة المصدر، بالإضافة إلى إحداث ثورة في طرق البحث على الإنترنت وإدارة البيانات المختلفة.
لكن أن تملك شركة واحدة كم هائل من المعلومات عنك، تحت سياسة الخصوصيّة هذه، فهذا ما يشكل مصدر قلقٍ للبعض.
المعرفة قوّة.
قلت مرّة : مالذي يعطي أي فرع أمن في العالم قوته وسطلته ؟
انه مقدار المعلومات والبيانات التي يعرفها عن المواطنين، المعرفة المطلقة تعطي قدرة مطلقة.
حان وقت الرحيل إذا، وها أنا ذا أبحر في الإنترنت بحثًا عن خدمات بديلة لجوجل، حسب معاييري :
- خدمة ليست من تقديم أو عدم جوجل
- تعتمد في عملها على البرمجيات الحرّة
- تحترم خصوصيّة مستخدميها
- جيدة كفاية، بحيث لا تشكل هذه الخطوة عائقًا في ممارسة عملي اليوم على الشابكة.
محرّك بحث جوجل
المشكلة مع هذه الخدمة أنها تتعقبك دومًا، وتسجّل كل تحركاتك، مالذي تبحث عنه ؟ مالذي تدخل إليه من نتائج البحث ؟ مالذي يعجبك وتبقى به وقتًا أطول
ixquick.com
محرّك بحث يراعي تمامًا مجهوليتك على الشابكة (لا يتعقب رقم الـ IP خاصّتك).
يقدم هذا الموقع خدمة أخرى رائعة وهي StartPage، وهي تقوم بالبحث في جوجل نيابةً عنك بعد تعميّة رقم IP لجهازك، وبذا تستفيد من خوارزميّة جوجل في البحث دون أن تعطيها فرصة لتتجسس عليك.
بدائل أخرى : محرّك بحث دك دك غو
خدمة البريد من جوجل
أكثر خدمات جوجل التي أحبها، وأعتبرها مميزة حقًا، Gmail صندوق بريد يقدم سهولة وسلاسة في إدارة رسائلك، تصنيفها، وحمايتك من الفيروسات والرسائل المزعجة.
لم أكن أظن أن أجد بديلًا منافسًا، لذا أمضيت أيامًا عديدة، حتى وجدت موقع autistici.org الأكثر من رائع.
autistici هي مجموعة إيطاليّة قائمة على جمع التبرعات، تؤمن بأن الانترنت يجب أن تبقى حرّة، وتستخدم لأجل الحريّة، وتحترم خصوصيّة المستخدمين، وتتعامل معهم وفق مبدأ المجهوليّة.
إنهم يقدمون خدمات مجانيّة (مثل خدمة البريد الإلكتروني، انشاء مدونة، قائمة بريديّة ...) مبنية على برمجيات حرّة بالكامل.
تقدمّت لهم بالطلب وحصلت على بريد قدمه لي مجتمع يؤمن بما أؤمن به.
الجميل في الأمر أن الخدمة منافسة حقًا لجوجل، إنهم يقدمون سعة تخزين غير محدودة، وبرنامج البريد الإلكتروني يدعم عشرات اللغات ومن بينها العربية!
بعد ذلك عدّلت برنامج الثاندربيرد للتعامل مع صندوقي البريد، ونقلت كافة رسائلي (التي أقوم بتصفتيها دومًا) من Gmail إلى صندوقي الجديد، كما استوردت أيضًا دفتر عناويني من جوجل.
(كيف فعلت ذلك ؟ ضبطت صندوق autistici ليستخدم برتوكول IMAP -وهو برتوكول للإتصال بإتجاهين، تنزيل ورفع - ثم ضبط صندوق Gmail ليظهر مجلد «كل البريد» في برنامج الثندربيرد، وعن طريق البرنامج نسخت هذا المجلد إلى مجلد جديد أنشاته في autistici ).
دخلت بعد ذلك إلى حساباتي في الووردبريس وتويتر والجودريدز (الخ) وضبطتها لتعتمد صندوقي الجديد.
بدائل أخرى :
جوجل كروم
كروم هو المتصفح الخفيف، البسيط، السريع، والمرن بذات الوقت، بحيث يقبل مكتبة إضافات تؤمّن احتياجك بالكامل.
حقًا هو أفضل ما يمكن تجربته (يفتقر الفايرفوكس إلى الخفّة رغم أدائه الممتاز)
أفضل بديل هو متصفح الكروميوم، وهو برنامج حر ومفتوح المصدر، قامت بإطلاقه جوجل، ليكون النسخة الحرّة من كروم التي لا تضم الأجزاء المغلقة.
بدائل أخرى : فايرفوكس، كامينو
مستندات جوجل
هي الطريقة التي تمكنك من كتابة المستندات أونلاين، دون الحاجة لتركيب أي برنامج، ثم الوصول إليها من أي جهاز كمبيوتر متصل بالشابكة لتظهر بنفس المظهر الذي كتبته في المرّة الأولى، كما تعتبر خدمة جيدة لمشاركة المستندات وتنظيمها.
حقيقةً فأنا لم أكن أستخدم هذه الخدمة، لكن لمن يبحث عن بدائل يمكنه استخدام Zoho (خدمة منافسة حقًا)
قارئ خلاصات جوجل
إستخدمت هذه الخدمة لسنوات عدّة، وهي بسيطة وسريعة، لكنّي فضّلت بعد ذلك استخدام برنامج الثاندربيرد لإدارة روابط الخلاصات، على كلٍ يمكن الاطلاع على خدمة NetNewsWire وهي تستحق التجريب، وهناك أيضًا :
روزنامة جوجل
حيث تسجّل مواعديك، مهامك، لقاءاتك، والأشياء التي ترغب بجدولتها، لم أستخدم هذه الخدمة رغم أنني أظن بحاجتي لشيء مماثل.
خدمة 30 Boxes بسيطة وسريعة، وقرأت عنها مراجعات جيّدة في بعض المدوّنات.
خدمات أخرى :
- لمن يستخدم خدمة بيكاسا في إدارة الصور، يمكنه تجريب فليكر (
- إن كنت تملك مدوّنة لدى بلوغر، استخدم برنامجًا حرًا للتدوين، مثل الووردبريس
منذ أربع سنوات مضت، تعرّفت على نظام التشغيل جنو لينكس عن طريق توزيعة فيدورا، وبدأت أتعرّف شيئًا فشيئًا على فلسفة البرمجيات الحرّة، والمجتمع التقني الكبير الذي يقف وراء نجاح هذه البرمجيات.
لم يكن انتقالي فجائي، بل عن طريق خطوات تدريجيّة، حصلت أولًا على فيدورا (ثم أوبونتو) إلى جانب ويندوز، وبعد أشهرٍ ستّة على ما أذكر تخليت عن ويندوز نهائيًا.
وهكذا في كل فترة أقوم بخطوة إضافيّة، بالإستغناء عن برمجيات وخدمات لا تحترم الفلسفة التي أؤمن بها.
وقد كانت محطتي الأخيرة في جوجل، هذه الشركة العملاقة، التي لم أفكر يومًا بالتخلي عن خدماتها، فمن يمكن أن يحلّ محلها .. فمالذي غيّر ذلك ؟