أعلنت شركة موزيلا أنها ستدعم القيود الرقمية في متصفحها حتى يتمكن مستخدموها من استهلاك الخدمات بث الفيديو عن الطلب ، وقد كانت موزيلا تعارض هذا الإجراء ولكن ضغوط السوق و الخوف من انخفاض حصتها من السوق الأمريكي للمتصفحات ، أرغمها على الرضوخ لمطالب شركات بث الفيديو.
القيود الرقمية في عالم بث الفيديو ليست بجديدة ؛ ففي الوقت الراهن تستخدم شركات بث الفيديو مشغل أدوبي فلاش بلايير و مايكروسوفت سيلفرلايت لتقديم محتواها للمستهلكين على منصات الحوسبة الشخصية ، و على تطبيقات خاصة لكل منصة هواتف ذكية ، القصة بدأت عندما رضخت منظمة معايير الويب W3C و ضمنتها لمعايير HTML5 على شاكلة ملحق تشفير للوسائط EME ؛ بحيث يقدم المتصفح لكل الأشياء التي يقدمها على سبيل المثال فلاش بلايير في مجال بث الفيديو بما فيها القيود الرقمية ، هذه دعم سيقدم دفعه كبير لتوحيد المنصات لأن تكون صفحة ويب فقط! وكملاحظة هامشية كان محرري هذا المعيار من شركة جوجل و مايكروسوفت و شركة Netflix لبث الفيديو.
وبما أن القيود الرقمية بطبيعتها لا بد أن تكون مخفية ؛ كان لازما على ملحق تشفير الوسائط أن يكون مغلقا حتى تتقبله شركات بث الفيديو ، قامت جوجل و مايكروسوفت بدعمها في متصفحتها المغلقة للمنصات الحوسبة الشخصية و للهواتف ، و الآن شركة موزيلا انساقت وراء القطيع بدعم القيود الرقمية.
موزيلا ستدعم القيود الرقمية بطريقة عرجاء ، فهي ستجعل كل شيء مفتوح المصدر إلا ملحق التشفير سيكون مغلق المصدر من شركة أدوبي ، موزيلا بدورها سوف تحاول أن تجعل هذا الملحق المغلق أن يعمل في صندوق رمل ؛ بحيث لا يمكنه الوصول المباشر للقرص الصلب أو الشبكة ، حسنا الأمر لا يختلف كثيرا عن دعم مشغل فلاش بلايير أو مايكروسوفت سيلفرلايت ، المستخدمون سيظلون تحت رحمة الشركات التجارية ، فما تقرر أن تلغي الدعم سيباتون في العراء !
لا زلت أذكر كيف أن أدوبي لم تدعم منصة جنو لينكس لقلة عدد المستخدمين ، وعندما دعمتهم دعمتهم دعما ناقصا ، ثم في الأخير أوقفت تطوير مشغلها لمنصة جنو لينكس ، هذا هو مصير ملحق التشفير في المنصات المفتوحة التي لا تخضع لشركات التجارية؟
كم مستخدم عربي الأمر لا يعنيني كثير ، فحن لا يوجد لدينا شركات بث فيديو ، و لا توجد لدينا بنية تحتية تساعد على قيام هذه الشركات ، و في حال قيامها سيكون لازما عليها أن تحصل على ترخيص من شركات أمريكية حتى تحصل على ترخيص لاستعمال هذه الملاحق التشفير!
عودة على بدء ، إذا كانت موزيلا قائمة على المصادر الحرة ، لماذا تقدم مثل هذه التنازلات حتى تظل في السوق الأمريكي للمتصفحات؟ إنه المال ، في شركة موزيلا لديها ألف موظف ، ويبلغ دخلها السنوي 300 مليون دولار أمريكي ، هذه الأموال تأتي لأنه متصفحها هو لديه حصة كبيرة في السوق الأمريكية ، و بسبب نمو سوق بث الفيديو بشكل كبير ، و تحول طرق بث الفيديو لأن تكون ضمن المتصفح وليس تطبيقات خاصة ، خافت شركة موزيلا من أن تفقد حصتها في سوق المتصفحات الأمريكية ، فالتنازل عن بعض المبادئ مقابل المال ليس غريبا على الشركات التجارية!
موزيلا و القيود الرقمية ، عندما يكون المال أولوية
disqus